السبت، 23 أكتوبر 2010

الخوارق والقوى الخفية ـ 1


من المعلوم أن للطبيعة نواميس وللحياة قوانين أوجدها الخالق عز وجل تسير عليها منذ أن خلق الله الكون وإلى أن يرث الأرض وما عليها ولا يمكن لهذه القوانين أن تتغير أو تتبدل إلا لحكمة أرادها الله عز وجل

فمن القوانين الطبيعية المعروفة أن الشمس تطلع من المشرق وتغرب في المغرب وأن الليل يعقب النهار و الأمطار تأتي من السحب والسحب تسوقها الرياح والنار تحرق من يلمسها والأرض تجذب إليها جميع الأجسام وهكذا في منظومة دقيقة أعدها الخالق الذي أحسن كل شئ صنعا .

ولكن هذه القوانين قد تتعطل أحيانا لسبب من الأسباب التي لا تخرج عن علم الله وقدرته ولكن الملاحظ لها تعتريه الدهشة من حدوثها

فسيدنا إبراهيم عليه السلام وضع في النار ولم تحرقه بل أنها كانت بردا وسلاما عليه .. وموسى عليه السلام كان يضع عصاه فتتحول إلى حية تسعى ويدخل يده في جيبه فتخرج بيضاء وصالح عليه السلام تحولت الصخرة أمام عينيه وعيون قومه إلى ناقة عظيمة وعيسى بن مريم عليه السلام كان يحيي الموتى ويبرئ الأكمه والأبرص ويصنع من الطين على هيئة الطير ثم ينفخ فيه فيصبح طيرا
وكل هذه الخوارق التي تتحقق على يد الأنبياء إنما هي معجزات يجريها الله على أيديهم ويختصهم بها ليثبت بها قلوبهم ويدفع الناس إلى الإيمان بدعوتهم .. وكانت هذه المعجزات من جنس الأعمال التي يتقنها القوم ويعرفون أسرارها حتى يكون التأثر بها أقوى والاستجابة لها أسرع فقوم موسى كانوا مشهورين بالسحر ولذلك أجرى الله على موسى من المعجزات ما يفوق بها سحرهم ، وقوم صالح كانوا ينحتون من الجبال بيوتا فتمثلت لهم الناقة من المادة التي ينحتون منها بيوتهم فأصبحت كائنا حيا تتحرك بينهم وتأكل وتشرب وتدر الحليب وقوم عيسى نبغوا في الطب وعلاج الأمراض فجاءتهم المعجزة في تخصصهم وفي جنس ما نبغوا فيه

ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم كانت معجزته الخالدة القرآن الكريم الذي جاء ليتحدى قريش في أهم ما يتقنونه من البلاغة والفصاحة والأدب . ( قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا) إضافة إلى العديد من المعجزات التي ذكرتها كتب السنة مثل انشقاق القمر وحنين الجذع ونبوع الماء بين أصابعه وقدح اللبن الذي أروى فئاما من الناس

وكل هذه الخوارق هي معجزات يجريها الله على أيدي الرسل كما سبق أن أشرنا .. ولكن العجيب أن هناك أمورا تجرى على أيدي الصالحين لا تقل عنها عجبا
سوف أروي لكم بعضها 
*******************
 تحدثت فيما سبق عن المعجزات الخاصة بالرسل .. ولكن ما رأيكم في أن هناك خوارق لا تقل عنها جرت على أيدي أناس صالحين مثل


قصة مريم عليها السلام


مريم عليها السلام: { كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب }(آل عمران: 27) جاء في تفسير هذه الآية عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: " وجد عندها الفاكهة الغضة حين لا توجد الفاكهة عند أحد

قصة أصحاب الكهف


وكيف لبثوا نائمين في كهف ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعًا من غير طعام ولا شراب، انظر الآيات من سورة الكهف: 13 ـ 26.

قصة الخضر عليه السلام مع موسى عليه السلام


وردت في سورة الكهف .. والخضر وصفه الله بأنه عبد من عباده أتاه الله العلم . وكثير من العلماء لا يرون أنه نبي ولكنه عبد صالح

هذا العبد الصالح أجرى الله على يديه من المعجزات ما حار منها فؤاد نبي الله موسى عليه السلام وبدا له الخضر وكأنه يعلم الغيب فقد خرق السفينة وهو يعلم أن وراءها ملك يأخذ كل سفينة غصبا وقتل الغلام لأنه علم أنه سيصبح فاسدا وأقام الجدار لأن تحته كنز ليتيمين كان أبوهما صالحا وهي أمور لم يملك معها موسى عليه السلام أن يلتزم بما قطعه للخضر من وعد بألا يسأله عن شئ .. لأنها من الأمور التي لا يمكن لنبي أن يسكت عليها .

قصة جريان النيل


يقال أن النيل كان فى الجاهلية ، لا يجرى حتى تلقى فيه جارية عذراء فى كل عام فلما جاء الإسلام وجاء وقت جريان النيل فلم يجر! أتى أهل مصر عمرو بن العاص فأخبروه :أن لنيلهم سنة ، وهو أنه لا يجرى حتى تلقى فيه جارية بكر بين أبويها ويجعل عليها من الحلى والثياب أفضل ما يكون فقال لهم عمرو بن العاص : إن هذا لا يكون ، وإن الإسلام يهدم ما قبله فأقاموا ثلاثة أشهر لا يجرى قليلا ولا كثيرا ، حتى هموا بالجلاء فكتب عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب بذلك، فكتب إليه عمر : قد أصبت إن الإسلام يهدم ما قبله وقد بعثت إليك بطاقة فألقها فى النيل ففتح عمرو البطاقة قبل إلقائها فإذا فيها :

من عمر أمير المؤمنين إلى نيل مصر : أما بعد فإن كنت تجرى من قبلك فلا تجر ، وإن كان الله الواحد القهار هو الذى يجريك ، فنسأل الله الواحد القهار أن يجريك فألقى عمرو البطاقة فى النيل وقد تهيأ أهل مصر للجلاء والخروج منها ، فأصبحوا وقد أجراه الله ستة عشر ذراعا فى ليلة

سارية الجبل


كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يخطب بالمصلين في المدينة فقطع خطبته فجأة وقال ( يا سارية الجبل ) .. وعندما سألوه بعد الخطبة عما حدث قال رأيت أن الأعداء قد أحاطوا بجيش سارية وهو لا يعلم وكان في نهاوند فأردت أن أنبهه للاعتصام بالجبل

وعندما عاد سارية قال لهم أنه سمع صوت عمر في ذلك اليوم في نفس اللحظة وأنه نفذ وصيته فاعتصم بالجبل وفوت على الأعداء الفرصة

قصة أسيد بن حضير وعباد بن بشر


روى أنس رضي الله عنه أن أُسَيد بن حُضير وعبَّاد بن بشر – رضي الله عنها - خرجا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة مظلمة، وإذا نور بين أيديهما حتى تفرقا، فتفرق النور معهما . رواه البخاري.

قصة خبيب بن عدي


أسر خبيب بن عدي رضى الله عنه وأخذ إلى مكة ليقتل فوضع عند إمرأة من قريش لتحتفظ به حتى تنتهي الأشهر الحرم
تقول المرأة كنت أدخل على خبيب في الحجره فأجد في يده عنقودآ من العنب ووالله مافي مكة حبة وعندما جاء الوقت أخذوا خبيبا وخرجوا به خارج مكه وربطوه في شجرة وجمعوا كل قريش وكل إنسان في يده سهم أو حجر وبدؤوا يضربون خبيبا وهو رافع الرأس ثم ذهب إليه ابو سفيان وقال: ياخبيب أتحب أن يكون محمد مكانك وتكون أنت في بيتك ؟ فقال: والله ما أحب أن يكون رسول الله في بيته ويشاك بشوكه ثم أن خبيبا أنشد

ولست أبالي حين أقتـل  مسلمـآ
على أي جنب كان في الله مصرعي
وذلك فـي ذات الإلـه وإن  يشـأ
يبارك على أوصال شلـوٍ  ممـزع

ثم قال اللهم أحصهم عددا وأقتلهم بددا ولا تغادر منهم أحدا اللهم بلغ عني رسولك مافعلته
فينزل سيدنا جبريل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويخبره بماحدث فيأمر النبي أحد أصحابه بالذهاب إلى مكه وإحضار جثة خبيب بن عدي فيقول هذا الصحابي: وصلت والدنيا قد أظلمت فصعدت النخله التي كان مربوطآ فيها وكنت خائفآ أن يراني أحد فأقتل ففككته حتى أنزل به فوقع .. فنزلت من النخله أبحث عنه فلم أجده و ظللت أبحث حتى أصبح الصباح وعندما طلع النهار ولم أجد الجثة رجعت إلى النبي حزينآ وأخبرته فابتسم صلى الله عليه وسلم وقال ( لا عليك دفنته الملائكه )


وكثير مثل هذه القصص تروى عن الصحابة والتابعين بعضها ثبتت في الرويات الصحيحة وبعضها لم تثبت وما ثبت منها فهو كرامة يخص بها الله بعض عباده الصالحين المعروفين بالزهد والتقوى ولن أطيل البحث فيها ولكني أتيت بها كمقدمة أثبت من خلالها أن هناك بعض الأحداث التي تحدث في الكون لا يجد لها الإنسان تفسيرا واضحا .. وهي مثلما تحدث للأنبياء وللأولياء والصالحين فإنها تحدث أيضا للأشخاص العاديين كما سوف أعرضه فيما يلي

******************


قلت  أن هذه الخوارق التي تحدث للأنبياء والأولياء والصالحين يحدث مثلها أحيانا لبني البشر العاديين .. ومع اعترافنا بأنه لا يمكن أن يحدث أمر في ملكوت السموات والأرض إلا بعلم الله عز وجل وبقدرته إلا أننا نفرق بين ما يختص به الأنبياء والصالحون وما يجريه الله على أيدي بقية البشر فما يجري على أيدي الأنبياء يدخل في باب المعجزات التي سبق أن أوضحت أهدافها وما يجري على أيدي الصالحين يدخل في باب الكرامات التي يمنحها الله لبعض عباده الربانيين بسبب طاعتهم لله وبعدهم عن معاصيه وقد أخبرنا الله عز وجل بذلك
في حديثه القدسي الذي يقول :
" ما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ولئن سألني لأعطينه ، ولئن استعاذ بي لأعيذنه " رواه البخاري.

أما ما يجري على أيدي بني البشر فإنه جدير بالتفكير والبحث ولكن بعد استعراض بعض هذه الظواهر الخارقة ثم محاولة البحث عن أسرارها وسبر أغوارها


نيكولاييف الروسي


رجل كان يعيش في روسيا في عام 1968 كانت لديه القدرة على نقل أفكاره إلى رجل آخر بعيدا عنه وقد قام العلماء في موسكو بوضع نيكولاييف في غرفة منعزلة لا يسمع صوتا ولا يرى أحدا وأحاطوه بأجهزة تسجيل لحركاته ودورته الدموية ودرجات الحرارة والعرق الذي يفرزه وتصوير لمخه أثناء التفكير والكلام وطلبوا منه أن ينقل أفكاره إلى رجل في ليننجراد وبينهما أكثر من ألف كيلومتر وفي نفس اللحظة استطاع أن ينقل إليه كل عبارة يكتبها أو كل شئ يمسك به وقد كرر العلماء التجربة مرات وغيروا الأشياء التي طلبوا إليه أن ينقلها فكريا وكانت التجربة في جميع المرات ناجحة وعندما سألوه كيف يتم ذلك قال لا أعرف إلا أنني أركز على الأشياء التي أمامي ثم ألقي هذه الإحساسات في أعماقي وفي نفس اللحظة أتخيل الرجل الآخر وأركز تفكيري عليه بكل قوة والباقي لا أعرف كيف يتم .. هو لا يعرف كيف ! ولكن العلماء بأجهزتهم الدقيقة يريدون أن يعرفوا !

هذه الطفلة العجيبة


طفلة إيطالية في العاشرة من عمرها اسمها روسانا كارملليني كانت لديها قدرة عجيبة على معرفة أناس في الشارع ليس لها أية صلة بهم فإذا كانت مع أبيها فإنها تقول له هذا الرجل اسمه فلان وأمه فلانة وهو يحمل في جيبه مبلغ كذا من المال وهو يريد أن يشترى لحما من السوبر ماركت الذي في المكان الفلاني وذلك يريد أن يشتري دراجة لابنه الذي نجح ويحدث ما تقوله تماما وقد قبض عليها البوليس وسأل أبويها كيف يحدث ذلك قالوا أنهم لا يدرون أما ناظر المدرسة فقد قال أنهم شكوا بأنها تطلع على الأسئلة أو تسترق السمع للمدرسين لأنها تخبر زملاءها بأسئلة الاختبار فتأتي كما تقول .. وأنهم كانوا يضطرون لعزلها عن بقية التلاميذ قبيل الاختبارات .. أما هي نفسها فإنها لا تعلم كيف يحدث هذا

يوري جيلر يحطم الملاعق والسكاكين


تحدثت الصحف في الآونة الأخيرة عن الشاب يوري جيلر المتخصص في تحريك الأشياء عن بعد فهو مثلا يستطيع أن يضع يده على الملاعق والشوك والسكاكين فإذا بها تتحطم بمجرد لمسها وأحيانا تنثني بمجرد أن يشير إليها من بعيد وقد عرضه التلفزيون الفرنسي مع عدد من الصحفيين وأتي له بعدد من علماء الفيزياء وجعلوه يخلع ملابسه وبحثوا في جسمه وفحصوه جيدا وجعلوه يستعرض هذه القوة الغريبة ولم يجدوا في جسمه شبئا غير عادي ولكن هذا الشاب يقوم بعملية تركيز على الأشياء ويطلب منها أن تتحطم أو تتحرك فتتحطم أو تتحرك دون أن يعرف هو من أمرها شيئا

هذا الرجل يشفي المشلول بنظرة من عينيه


تحت هذا العنوان نشرت مجلة سيدتي الكويتية في عام 1393هـ قصة لرجل من المنصورة اختفى فجأة لمدة أربع سنوات ولم يعثر له على أثر رغم البحث المضني عنه في سجلات المفقودين والمرضى والموتى !! وبعد مرور أربع سنوات على اختفائه فوجئ أفراد أسرته بأنه قد عاد إليهم ولكنه لا يعرف شيئا عن المكان الذي ذهب إليه أو عاد منه أو بالأحرى لم يجب على أسئلتهم عن سر اختفائه أو سر عودته .
ثم اكتشف أن هذا الرجل يستطيع أن يشفي أي مريض بالشلل بمجرد أن ينظر إليه ويمسح على جسمه فتسامع الناس بقدراته وتزاحم مرضى الشلل عليه من كل حدب وصوب وكان كل مشلول يأتيه يعود معافى تماما وتوافد عليه الصحفيون يسألونه عن سر هذه القدرة وكيف وأين تعلمها ولكنه لا يجيب أو هو لا يعلم عنها شيئا .. وقد استمر الرجل على هذه الحال فترة ثم تضاءلت قدرته على الشفاء إلى أن انتهت تماما .. كيف جاءته هذه القدرة وكيف ذهبت منه لا أحد يعلم

الحاج السوداني


رجل قادم من السودان جاء في القطار وظل طول الوقت ساكتا لا يتكلم إلى أن وصل القطار إلى أسيوط اقترب منه الكمساري وقال له يا عم الحاج أنت لا تريد أن تدفع ثمن التذكرة ولا ترد على الناس حولك ولولا أنك رجل طيب وشكلك مهذب لكان لي معك شأن آخر
ولكن الحاج لم يرد وإنما قال له هل أقول لك شيئا وتبتعد عني ؟
قال الكمساري : قل يا حاج
قال الحاج السوداني : جاءك مصطفى مبروك
قال الكمساري : من مصطفى ؟
قال: زوجتك أنجبت ولدا منذ ساعتين وأسموه مصطفى كما كنت تتمنى
وذهل الكمساري وانهال يقبل يدي الحاج فقد كان يتوقع أن تلد زوجته في ذلك اليوم أو اليوم التالي وكان يتمنى أن يرزقه الله بولد ويسميه مصطفى !
كيف حدث هذا ؟ الله أعلم

أبكم يتكلم


رجل يقول كنت أسير بسيارتي وفوجئت بصاحب سيارة يقطع الإشارة ويصطدم بسيارتي فيهشمها وإذا به يترجل من سيارته ويتجه نحوي ويقول لي أنا آسف ومستعد بإصلاح سيارتك .. وقد تجمع حولنا الناس وكل يقول لي المسامح كريم والرجل قد اعترف بخطئه وجل من لا يخطئ وبينما نحن بانتظار سيارة المرور إذ حضر شخص يعرف الصادم واتجه إليه وأخذ يحدثه بلغة الإشارة فاستغرب جميع الحاضرين وسألوا الرجل لماذا تكلمه بلغة الإشارة قال لأنه أبكم .. قالوا له ولكنه تكلم الآن وسمعناه يقول للرجل أنا آسف ومستعد بإصلاح سيارتك .. قال لهم هذا مستحيل فهو صديقي منذ الطفولة وكل جيرانه في الحي يعرفون أنه لا يتكلم !! كيف تكلم هذا الأبكم ؟ الله أعلم


هذه القصص التي حدثت لأشخاص غربيين أو عرب ليست كل شئ فهناك قصص غريبة مثلها حدثت لأناس عندنا تدل على أن هناك بعض الخوارق التي تحدث دون أن نجد لها تفسيرا
وفي الحلقة القادمة أقدم لكم شخصيات من ينبع
*******************
كنت قد ذكرت أمثلة على أشخاص يقومون ببعض الأعمال التي تدل على قدرات خارقة لا توجد في أقرانهم وهؤلاء الأشخاص موجودون في الشرق والغرب وفي كل مكان في الدنيا وحتى عندنا في ينبع كان يوجد مثل هؤلاء أذكر منهم



الشيخ علي يرى الهلال بعين واحدة


كان هذا الرجل بعين واحدة فقط فلقد فقد إحدى عينيه وكان لا يبصر بها أبدا ولكن الله أودع في التي لا تبصر قوة ليست موجودة لذي عينين في كثير من الناس .
رحم الله الشيخ علي منصور فقد كان القوم في ينبع يستعلمون منه حلول الشهر الكريم بعد رؤيته حالا أو حلول عيد الفطر وكان يزف البشرى إليهم بعد دقائق جد قصيرة من اختفاء الشمس فيما وراء الأفق البعيد
وكان المسؤولون في إدارة المخابرات اللاسلكية في المدن الآخرى من المملكة يترصدون دوما أخبار الرؤية من ينبع من هذا الرجل وما يكاد السائل يسأل عندما تنطلق المدافع معلنة ثبوت الرؤية ( من أين جابوه ؟ ) حتى يأتي إليه الجواب سريعا من ينبع
وهذه القصة وردت في كتاب الشيخ خلف عاشور أيام وأيام

المدرق بالله


قبل ستين أو سبعين عاما كان هذا الرجل يعيش في كهف جبل في بدر وكانت لديه قدرة عجيبة على شفاء الأمراض تشابه قدرة رجل المنصورة على شفاء المشلولين وكان البعض من أهالي ينبع ومن غيرها يذهبون بمرضاهم إليه ويأتون بهم وقد شفوا تماما .. والغريب أن من يأتي إليه بمريض لا يذكر له المرض بل أنه يكتشفه بنفسه .. و الذين يعودون من عنده يروون كثيرا من الغرائب التي يشاهدونها فقد كانوا يرون دلة القهوة أمامهم دون أن يروا من يقدمها
وفي إحدى المرات ذهب إليه شخصان من ينبع ومعهما مريض وقد انتقلا الآن إلى رحمة الله (ولو شئت لسميتهما ) وفي الطريق إليه نفذ دخان أحدهما فتضايق كثيرا وأخذ يسب المدرق بالله .. وعندما صعدوا إليه الجبل قال لمن كان يسبه قف مكانك وقال للآخرين ادخلا .. فقال له ياشيخ أنه رفيقي وجاء معي وأرجوك أن تسمح له فالتفت إليه قائلا ماذا كنت تقول ؟ قال ياشيخ نفذ دخاني وكنت زعلان أتكلم دون أن أعي وأطلبك السماح فأنا لا أقصد أن أسبك .. قال له افتح علبة الدخان .. ولما فتح العلبة فوجئ بأنها مملوءة بالدخان !! كبف حدث هذا ؟ الله أعلم

كرم يأكل


(أبو كرم ) عاش في ينبع إلى ما قبل أربعين سنة تقريبا رجل أسود كث الشعر ثيابه دائما متسخة ولكن الله يسخر له أحيانا من يأخذه وينظفه ويلبسه ثيابا جديدة تبقى كذلك حتى يهيئ له الله من يبدلها .. ذقنه بيضاء كأنها كرات من القطن قد التصقت بعارضيه معفرة بالغبار لا يكاد يعرف له مكان إلا في الماقفة حتى نومه فيها وكنا نرى منه عجبا عندما ينام إذ أنه يجعل رأسه في موازاة جسمه دون أن يصل إلى الأرض فيخيل إليك أن تحت رأسه وسادة وما تحته شئ وكأني أراه الآن جاثيا على ركبتيه بين معاطن الإبل ملقيا برأسه فوق صدره يرمقك أحيانا بعينين حمراوين ذابلتين كأنما ينظران في فراغ ولا يلبث أن يهب فجأة من مكانه هذا لا تخرج من بين شفتيه إلا عبارة واحدة يكررها ( كرم يأكل .. كرم يأكل ... ) ويمضي مهرولا لا يلوي على شئ حتى يختار أحد الدكاكين فيندس فيه ويعيث فيه فسادا و يسقط بعض ماهو معروض في رفوفه من حاجيات ثم ينزوي هادئا في أحد الأركان فيستقبله صاحب الدكان بفرح ويذهب ليحضر له طعامه المفضل إما قطعة من البطيخ أو قطعة من رغيف مغموسة بسكر ولا يأكل غير هذين الصنفين .. هذا الرجل معروف بأنه إذا دخل في دكان حلت به البركة ذلك اليوم وكان كل صاحب دكان ينتظر مجيئه ويتمناه ومن دخل دكانه فهو مغبوط من أصحاب الدكاكين الأخرى والغريب أنه هو من يختار الدكان فلا يستجيب لمن يجره ليدخل دكانه

وكانت الناس تروي عنه الأعاجيب فمنهم من يقول أن الحجاج كانوا يرونه في منى أيام الحج .. ومرة من المرات مضى مهرولا حتى دخل بيت إمرأة قد وضعت على النار قدرا فيه بعض الأرز فقلبه وعاد مهرولا ولما أرادت أن تعيد الأرز وجدت أنها قد طبخت عقربا مع الأرز

ولله في خلقه شؤون ولقد صدق الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يقول ( إنما ترزقون بضعفائكم ) و ( رب اشعث أغبر موصود بالأبواب لو أقسم على الله لأبره )

اعطني سيجارة


الشخصية الأخرى ( عريوط ) يتخذ من سوق الليل مقرا وهو السوق الذي قامت لجنة التراث الآن بترميمه وإعادة تأهيله وتجده يذرع السوق جبئة وذهابا طوال اليوم لا تكاد تسمع منه إلا عبارة واحدة ( عطني سجارة ) وأحيانا يغني أو يردد بعض الكسرات أو الكلمات المتناثرة وعندما يبلغ منه التعب مبلغه ينام في إحدى الوكالات أو الخرائب القريبة .. وعريوط هذا يختلف عن أبو كرم في أنه يفهم ما تقول له أحيانا ويستطيع أن يرد عليك إن هو أراد .

والسبب في ذكر مثل هذه الشخصية أن مثل هؤلاء الضعفاء كانوا موجودين في أسواقنا وكان بعض الناس يتلقفون ما يقولونه من كلمات فيتفاءلون بها وهم لا يتكلمون إلا نادرا ولكنهم عندما يتكلمون تكون لكلماتهم وقع في نفوس سامعيها فمثلا لو أن رجلا أراد أن يقرض رجلا مالا وسمع منه عبارة مثل ( توكل على الله ) أو أن رجلا عزم على سفر وسمع كلمة ( سهالة ) أو خسر في تجارة وسمع ( الله يعوض ) فإنه يعتبرها فألا حسنا يطمئن بها قلبه لما هو مقدم عليه ! علما بأنهم لا يوقفون تصرفاتهم على هذه الكلمات ولا ينتظرونها ولكنها تسعدهم عندما يسمعونها

ومثل هؤلاء المجاذيب لا تخرج منهم كلمات منفرة قكلماتهم قليلة وموفقة وتأتي في مكانها المناسب وكأن الله يجريها على ألسنتهم لحكمة وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يكره الطيرة ويحب الفأل

الآن خلت أسواقنا من مثل هؤلاء بعد أن تعهدتهم الحكومة ووضعت لهم دورا خاصة بهم وأجرت لهم النفقات والأعطيات .فلا يكاد يراهم أحد والحقيقة أن وجودهم في المجتمع ضروري فبهم تعرف نعمة الله عليك وعن طريقهم تشيع معاني الشفقة والرحمة والعطف على الضعفاء والمساكين .

ومهما يكن من أمر فإن لدى مثل هؤلاء قدرات غريبة لا توجد في سواهم ما هي هذه القدرة وكيف حصلوا عليها ذلك ما سنتعرض له في الحلقة القادمة
 

ليست هناك تعليقات: