السبت، 1 مايو 2021

أشخاص لهم تأثير علي

 اثنان من الأصدقاء،كان لهما تأثير كبير في حياتي  .. اولهما في مرحلة الطفولة  الدكتور تنيضب عوادة الفائدي هو الذي غرس في نفسي حب القراءة وكان يتعهدني بالصحف والمجلات والكتب والقصص والروايات حتى تنامى عندي حب القراءة بل أنه درسني اللغة الانجليزية وما أحفظه منها اليوم هو ماتعلمته منه في ذلك العمر الطري .. وكان ممن يضرب بهم المثل في الجد والاجتهاد لدرجة  أن مدرسينا وأهلينا يطلبون منا أن نكون مثله  .

وأذكر أنه كان مشتركا في كثير من الصحف والمجلات وكان وهو في المرحلة الابتدائية  متفاعلا  مع كثير من البرامج الإذاعية ومنها برنامج حسن الكرمي قول على قول في إذاعة البي بي سي ويذكر اسمه في كثير من حلقاته  .. كما كانت تنشر له مقالات في صحيفة المدينة  مقترنة بصورته وهو في هذه السن المبكرة .. ولقد سولت لي نفسي الأمارة بالسوء أن أقلده في هذا الجانب فطفقت أرسل لصحيفة المدينة  بعض الموضوعات أنقلها من كتاب المطالعة ولكن في كل مرة كان يأتيني الرد ، موضوعك غير صالح للنشر  ! حتى اقتنعت بأن المسألة مسألة ملكات وإمكانات  تضع الإنسان حيث يستحق وهاهو الدكتور تنيضب اليوم كما ترون وتسمعون ولكن فضله علي باق وتأثيره  يذكر ويشكر ولاينكر .

الثاني تركي العسيري
من الأصدقاء الذين تركوا في نفسي أثرا وكان سببا في تشكيل.جزء من حياتي على نحو ما الأديب الكاتب القاص الأستاذ تركي العسيري فقد جمعتني به مرحلة الدراسة الثانوية وهذه المرحلة هي مرحلة تبلور الشخصية حيث ضمنا فصل واحد ووجدت فيه ما أفتقدته في نفسي من الصفات هو اجتماعي وأنا انطوائي هو جرئ وأنا خجول هو لديه قدرة عجيبة على الانطلاق والتحدث وأنا متردد هو بارع في الارتجال وأنا لا أستطيع نطق عبارة إلا بعد كتابتها تحريريا هذه الصفات جعلتني أنجذب إليه وأصطفيه .. وقد تجاوزت علاقتنا مرحلة الزمالة إلى الصداقة وكانت بيننا روحات وجيات وزيارات واجتماعات وسفرات وجلسات بلوت وجولات بسيارتي الفلوكسواجن المقربعة .وكنت حريصا على الاستمتاع بما أتلقاه منه من ثقافة وخفة دم وطرائف وقفشات أكثر من استمتاعي بالتسكع في شوارع الطائف على غير هدى
كان في المدرسة نجما أين منه نجوم الفن وكرة القدم في هذا العصر وهو في الأصل لاعب كرة قدم لا يشق له غبار فقد كان كابتن نادي النخيل ببيشة ولكن شهرته لم تعتمد على كرة القدم فحسب بل بما يملأ إهابه من علم وأدب وثقافة وفن وقد أجرت معه صحيفة الندوة لقاء على مساحة صفحتين عندما كان كابتنا لنادي النخيل وكان غالب اللقاء عن الثقافة والقصة والأدب وهذا قلما يحدث مع لاعب كرة وكان الجميع يتابع أخباره ويروي عنه ما يقوله وهو الضيف الدائم لبرنامج الإذاعة الصباحي وكل من لم يعد برنامجه الإذاعي يلجأ إلى استضافته لإنقاذ الموقف .. وإذا غاب مدرس عن الحضور تولى هو إدارة الصف وملأه بما لا يخطر لك على بال من الأخبار والأشعار والنكت والطرائف . وكان المدرسون يحسبون له حسابا فلا يدخلون معه في نقاش إلا على استحياء لأنه دائما ما ينتصر ولو بحسن التخلص
كما أنه شديد الاعتزاز بمدينته بيشة ودائما ما يستشهد ببيت الخنساء
حامي الحقيق تخاله عِند الوغى......أَسَدا بِبيشة كاشِر الأَنياب
ولا غرابة أن يصدر عن بيشة كتابا بعد ذلك الزمن أسماه ( بيشة كما عرفتها ـ مواقف وذكريات ) أهداني نسخة منه



كان صوتا مسموعا في ذلك الزمن المبكر يكتب في غالب الصحف والمجلات ويقيم العديد من الأمسيات وتجرى معه اللقاءات ويحتفظ بعلاقات اخطبوطية مع مختلف الجهات والشخصيات .. أذكر أننا تقدمنا معا لاستخراج رخصة قيادة عام 1394 وبعدما تجاوزنا الاختبار استضافه مدير مرور الطائف النقيب أسعد عبد الكريم الفريح صباحا في مكتبه والتقطت له الصورة الشخصية للرخصة براحة تامة أما أنا فقد تصورت مع عامة المتقدمين بعد صلاة العصر وكان الوقت المخصص لكل متقدم بضع ثوان لا تسمح له بتعديل الغترة أوتضبيط التشخيصة وعلمت أنه عرض عليه في هذا اللقاء الانتقال إلى نادي الاتحاد ولكن حب الملكي حال دون ذلك .
ومما تجدر الإشارة إليه أنني كنت أحب القراءة قبل معرفتي بالأستاذ تركي وبخاصة القصص والروايات ولكنها قراءة غير موجهة كانت تستهويني في الروايات الحبكة الدرامية والعقدة والحل ولا أعير سوى ذلك اهتماما إلى أن أهديته رواية ( شباب امرأة ) للكاتب المصري أمين يوسف غراب فإذا هي لم تعجبه بل أنه انتقدها انتقادا شديدا وقال أن الكاتب كرر كلمة ( بيد أن ) تسع مرات في صفحة واحدة ومع أن هذه الرواية حازت على جائزة الدولة التقديرية وتحولت بعد ذلك إلى فيلم سينمائي من بطولة شكري سرحان وتحية كاريوكا .. إلا أنني أدركت حينها أنه يهتم بالأسلوب الأدبي وجمال الكلمة والمفردات السليمة في توظيف اللغة أكثر من اهتمامه بالحكاية وكانت هذه نقطة تحول في قراءاتي بعد ذلك ولو سبقت هذه المعرفة هذا الزمن فلربما أصبحت أديبا مثله ولكن كل ميسر لما خلق له
ولما انتهت سنوات الدراسة وتفرقت بنا السبل ظللت أحتفظ له بمسودات بعض المقالات التي كان يرسلها للصحف بخطه الرقعي الجميل بعض القصص القصيرة ومقال عن الصداقة ومقال في رثاء عميد الأدب العربي طه حسين . وكنت أتتبع مايشطبه منها من عبارات وما يستبدله فأكتشف أنه يبحث عن الأفضل والأكمل دائما .
ثم أصبجت أتابع ما ينشره في الصحف والمجلات من مقالات في عكاظ وفي الجزيرة وفي اليمامة واليقظة وسواها وأقتص منها ما أحتفظ به
وفي عام 1410 أصدر مجموعته القصصية ( من أوراق جماح السرية ) فسافرت إلى جدة خصيصا لاقتنائها وعدت ومعي ما هو أغلى من رأس كليب .
ثم عاد التواصل اليوم ولله الحمد عن طريق وسائل التواصل وكان الفضل له في هذه العودة التي استقبلتها بفرحة غائب طال انتظاره
على أنني لم أذكر في هذه العجالة إلا الجوانب التي كان له فيها تأثير علي وفضل وإلا فالذكريات كثيرة والجديث عنها ذو شجون




الأحد، 19 يوليو 2020

سوبيا الهومي مشروبك اليومي




بين الينبعاوية وسوبيا الهومي عشق متجذر يضرب في أعماق التاريخ فهو أحد ثلاثة تذوق الناس عن طريقهم طعم السوبيا الأصلي .. كان ذلك قبل أكثر من خمسين عاما حين كان العاملون في تفريغ البواخر لا يجدون ما يسدون به غائلة العطش إلا بالمرور على ركنه المعروف في مدخل السوق بجوار أشهر مطعم للأكلات الشعبية في ينبع حينذاك وتناول زجاجة السوبيا ذات السدادة الفلين في قوارير المشن والفانتا .
كان سعرها في ذلك الزمن المبارك أربعة قروش ونكهتها ما زالت عالقة في النفوس وطعمها على لسان كل ينبعاوي أصيل .
تغير الزمان وتغير المكان ولكن العشق لم يتغير فالطعم نفس الطعم والنكهة ذات النكهة تستثير الذكريات وتهيج الشجون وتعيدهم إلى زمن جميل .. يدفعهم إلى التمسك بهذا العشق أن عبد الله الهومي الصانع الشهير نفسه لم يتغير صناعة وأصالة إلا ما زاد بسبب الخبرة وطوال المراس .

هو الوحيد الذي يصدر السوبيا إلى المدينة المنورة في ظل هيمنة ( الخشة ) على سوق السوبيا في المدينة ولكن الينبعاوية هناك لا يقتنعون بغيرها ولا يريدون سواها ! ألم أقل لكم أنها عشق أزلي وارتباط وجداني .

والهومي ما زال بارعا في هذه الصناعة مخلصا لها لا يختار إلا الشعير الخالص والحلا المناسب والبهارات المقننة بأيد عركتها خبرة السنين وتجربة الحياة

بارك الله في رزقه وزاد في عمره وحفظ له أهله وأولاده

الثلاثاء، 28 أبريل 2020