الخميس، 22 فبراير 2018

محافظ ينبع القديم ( إيش سوّى ؟ ! )





محافظ ينبع القديم ( إيش سوّى ؟ ! )




هذا السؤال سمعته من أحد المشاركين في أحد المجالس إثناء تداول نبأ انتقال المهندس 
مساعد السليم وثناء الحاضرين عليه بعد عمله محافظا لينبع لمدة أربع سنوات
وإذا أردنا الإجابة عليه فإننا أمام أحد احتمالين ـ إذا أسأنا الظن نقول أن السائل
 يقدم الإنكار على الاستفسار كعادة البعض في مواجهة كل ثناء على مسؤول 
يرى أن تصرفاته خارج اهتماماته الفردية ومصلحته الشخصية

وإذا أحسنا الظن فإننا نعتقد أن السائل يظن أن المحافظ هو البلدية وهو إدارة الإسكان
 وهو المرور ومكتب العمل وفرع وزارة التجارة والصناعة وصندوق التنمية العقارية
 والصحة وحرس الحدود وإدارة التعليم وغيرها من الإدارات الحكومية 
وعليه أن ينهض بكل الأعمال المناطة بها دفعة واحدة .. هو يحب أن يرى في 
مدينته شوارع نظيفة وحدائق وارفة وإنارة مبهرة وانسيابية مرور 
وسكنا لكل مواطن ووظيفة لكل عاطل ومدرسة في كل حي وعلاجا لكل مواطن 
وهذه الأمور ليست في نطاق تخصصه وإن كان هو المشرف على جميع 
هذه الإدارات والمتابع لعملها إلا أن الإنجاز المتوقع يرجع لكل إدارة ويعتمد 
على إمكانياتها وموازنتها .

ولذلك اسمحوا لي بالتصدي للإجابة على هذا السؤال ( ماذا عمل ؟ ) حسب ما يخطر 
على البال مما عرفت ..

1 ـ استهل المحافظ وصوله إلى ينبع بشراء مسكن خاص به من حر ماله لم يستأجر
 ولم ينتظر منحة سامية هي حق له ولا شك أن لهذا أثر في تحقيق الاستقرار
 المطلوب للتفرغ للعمل

2ـ قام بتغيير الصورة النمطية المرتسمة في الإذهان عن 
المحافظ كشخصية اعتبارية يسير المعاملات ويصدر الأوامر 
ويحضر المناسبات الرسمية مرتديا المشلح 
ولم نكن نره في غير هاته الصورة إلا لماما
مساعد السليم صرنا نراه بلباسه الاعتيادي يختلط بالناس
 ويغشى مجالسهم ويحضر مناسباتهم أفراحا وأتراحا ويزور
 الدوائر الحكومية ويجتمع بالموظفين ويناقش المديرين
 ويشجع الشباب الكادحين ويذهب إليهم في أماكن أعمالهم 
حتى لو كانوا بائعي شاي أو بطاطس أوبليلة أو مواطنات 
من الأسر المنتجة يحفزهم ويثني عليهم ويدفع لهم مكافآت 
بل رأيناه يتطاول ليقبل رأس أحد هؤلاء الشباب 
مفتخرا بما يصنعون .


3ـ كان يستمع إلى شكاوى المواطنين ويهتم بها ويسعى إلى 
حلها مباشرة دون الرجوع إلى إجراءت رسمية أو تعقيدات
 روتينية فكم رأيناه يزور القرى والهجر مستقطبا معه عددا من
 المسؤولين المختصين بالشكوى الواردة من أهاليها
 ليروها على الطبيعة ويناقشوا الأهالي فيما ورد فيها ..
وعندما طفحت مياه المجاري في الشربتلي والسميري 
لم يكلف لجنة أو يصدر أمرا وإنما رأيناه بنفسه
 بصحبة المسؤولين يشمر عن ساعدية ويرفع ثوبه ويخوض
 في الوحول التي خاض فيها الأهالي ليدرك 
مدى معاناتهم ويأمر بحلها فورا

4ـ كان شارع عمر بن عبد العزيز ( الحنان ) قبله يمثل هما يوميا
 للسكان ومرتادي السوق لما فيه من أخطار حوادث الدهس
 و الزحام والاختناقات المرورية التي لم تجد معها تكثيف 
دوريات المرور ..ولكنه استطاع بتحويل الشارع إلى مسار واحد القضاء 
على هذا الهم المؤرق الذي لازم الناس طويلا

5ـ استهل المهندس مساعد عمله بالمحافظة بالالتقاء في مقر المحافظة بالمواطنين والمسؤولين ليليا لعرض ملاحظاتهم وتكليف المسؤولين بالإجابة عليها . وكان هذا الاجتماع ليليا في بداية الأمر ثم خصص له مساء الأحد من كل أسبوع وكان حضور مديري الإدارات إلزاميا وحضور المواطنين متاحا لكل من أراد دون موعد سابق وكان على مديري الإدارات بالتتابع ليلة لكل إدارة يعرض فيها تقريرا عما تم إنجازه من أعمال في مجال إداراتهم وفتح باب النقاش حوله من جميع المواطنين صغيرا كان أو كبيرا واستمرت هذه الجلسة طوال أربع سنوات إلى أن تم نقله

6ـ جميعنا يذكر حفريات مشروع الصرف الصحي التي كانت تنوء بها جميع الشوارع والكتل الخرسانية الموضوعة والحفريات وتعثر الشركة في التنفيذ ثم رأينا كيف استطاع بجهوده الذاتية أن يسحب المشروع من الشركة المتعثرة وإسناده إلى شركة أخرى أنجزت العمل وأراحت الناس من هم جثم على الصدور أكثر من عشر سنوات

7 ـ منذ أن وطأت قدماه ينبع وهو يركز على مفهوم ( لا ينفع البلد إلا رجالها ) وإذا لم يقوموا بأنفسهم بالمطالبة والسعي والإلحاح على المسؤولين بالطلب فإن المكاتبات وحدها لا تجدي نفعا وكان يضرب المثل برجال القصيم في المطالبة والإصرار ..وفي هذا الصدد قام بإنشاء مجلس الأهالي من أعيان ينبع وسافر بهم إلى القصيم للاطلاع على التجربة عن كثب ثم قام بالدعوة إلى إنشاء مجالس أخرى للأعيان الينبعيين الموجودين في الرياض وفي جدة وفي المدينة للعمل متعاضدين على تفعيل مطالب الأهالي كل في مدينته وعندما تبلورت الفكرة سافروا إلى الرياض وهو في مقدمتهم يحملون معهم مطالبهم ويعرضونها على الوزراء ويطالبون بتحقيقها وقد كان لهذه الخطوة أثرها الباهر في تحقيق الكثير من المطالب

8ـ المنطقة التاريخية وما ترونه فيها من إنجاز وأماكن ترفيه هل تظنون أنها تحققت بيسر وسهولة كلا .. فهذه المنطقة تتشارك فيها وتتعارض صلاحياتها مع عدة دوائر حكومية وأطراف أهلية هي البلدية والميناء وحرس الحدود وسياحة المدينة المنورة وملاك الدور الذين كان البعض منهم يعارض الترميم أو لا يستطيع الموافقة عليه بسبب ورثة متفرقين أو متوفين
فاستطاع أولا أن يحصل على موافقة مقام إمارة المدينة بتوليه الصرف على المشروع مباشرة دون الرجوع إلى هيئة سياحة المدينة وكانت هذه أول معضلة ثم تمكن من الاجتماع بالأهالي عدة مرات ومحاولات لإقناعهم بالحلول الممكنة للترميم سواء بالأجار أو بنزع الملكية وذلك بدور لا يمكن إغفاله من الأستاذ عواد الصبحي رئيس لجنة أصدقاء التراث بينبع ثم العمل على تأهيل المنطقة لتصبح على الوجه الذي نراه اليوم

9ـ كان لا يحبذ المقارنة مع ينبع الصناعية ويقول ما ذا ينقصنا ؟ نحن الأم ولدينا الرجال والإمكانيات والقدرات التي تجعلنا كينبع الصناعية بل وأفضل منها علينا أن ننتبه لأنفسنا ونطور أعمالنا ونتعاون ونتكاتف ونخلص لرفعة بلدنا وتطويره وازدهاره وسنكون نحن القدوة فالمقياس هو الحماس والإخلاص ونحن نملكهما بعون الله وكان لهذا التوجه أثره في استنهاض الهمم والتصدي للمنافسة

10ـ كان يعرف فضل رجال الأعمال ويثمن دورهم في رقي المدينة وتطورها ففتح ذراعيه للغرفة التجارية الصناعية بينبع واجتمع برئيس مجلس إدارتها وأعضائها عدة مرات لتفعيل جانب الاستثمار وكانت الاستجابة منهم مواكبة
كما قام بمبادرة شخصية منه بزيارة رجال الأعمال المعروفين خارج ينبع ـ الجميعة والراجحي والسبيعي وغيرهم وعرض عليهم الفرص المواتية للاستثمار في ينبع ووعدهم بتذليل الصعوبات وتسهيل المعاملات وحصل منهم على موافقات بذلك

11 ـ أخذ على عاتقه متابعة المشاريع التابعة للدوائر الحكومية القائمة في المحافظة فكان يزورها مع مدير الإدارة ومدير المشروع ويسأل عن مدة العقد وانتهاء التنفيذ ويسجل ذلك في أجندة خاصة ويتابعه مع مدير الإدارة ومدير المشروع مما يضعه في دائرة الاهتمام على الدوام

12 ـ أجزم أن الطفرة التي حدثت في مجال افتتاح الكليات للأولاد والبنات والمشاريع التي نفذت لكلية التقنية وفرع الجامعة شطر الطالبات لم تكن لتحدث بهذه السرعة لولا متابعته اليومية واجتماعاته المتعددة مع مدير الجامعة بالمدينة المنورة وكان طموحه افتتاح كلية للطب في ينبع وقد وعد بذلك وهي آتية بلا شك بل أن الكثير من مراجعاته تنصب على استقلال جامعة ينبع عن جامعة طيبة وسيتحقق هذا الهدف بإذن الله

13 كان يرحب بكل ذي رأي أو فكر أو مقترح كبيرا كان أو صغيرا يتبناه ويهيئ له سبل النجاح ويدفعه إلى تنفيذه وهناك الكثير من الأفكار التي تحققت على أيدي شباب البلد بناء على اقتراحاتهم

وبعد فهذا قليل من كثير وغيض من فيض مما عمله محافظ ينبع مع التأكيد على أن جلها لم تكن من صميم عمله الذي تعودناه من المحافظين قبله فنحن لم نتعرض لطريقة إدارته للموظفين ولا تسييره للمعاملات ولكنها بلا شك تسير على نفس النهج

ورغم أن الأربع سنوات التي قضاها في ينبع مدة قليلة في عمر المحافظين إلا أنه استطاع أن يرسم النهج ويضع الخطط ويؤسس لعمل ناجح بدأنا اليوم نرى بوادره ونتمنى أن يستمر

وفي كلمته التي ألقاها لدى استقباله محافظ ينبع الجديد قال أحببت هذه البلد وأحببت أهلها ورأيت منهم كل تعاون وقد جئتها بمشلحي هذا وها أنذا أغادرها بذات المشلح وهي إشارة إلى أنه لم يسع لمصلحة شخصية ولم يبحث عنها وأنا أصدقه في ذلك والناس يعلمون ويدركون مدى الصدق في كلامه

أسأ ل الله أن يجزيه خير الجزاء وأن يوفقه في عمله الجديد لما فيه خدمة دينه ومليكه ووطنه
كما أسأله تعالى أن يوفق خلفه لما فيه مصلحة البلاد والعباد وأن يعينه على مواصلة مسيرة النماء والازدهار